أكلها ينذر بحلول فصل الشتاء
مع سقوط قطرات المطر الاولى معلنة عن قدوم فصل الشتاء، تكسو الخضرة مساحات شاسعة من الاراضي في المزارع والحقول، فتظهر نباتات برية عديدة،منها ما هو صالح للأكل مثل نبات يطلق عليه المغاربة اسم «الخبيزة»،معروف بأوراقه التي تتخذ شكلا دائريا،تصنع منه أكلة تقليدية تعرف باسم «البقولة». تقطف «الخبيزة» الخضراء اليانعة قبل ان تصفر اوراقها بسبب اشعة الشمس،فتجمع على شكل ربطات صغيرة،لتعرض للبيع في الاسواق، حيث تجدها عند الباعة المتخصصين في بيع النباتات ذات الاوراق الخضراء فقط، مثل الكزبرة، الكرافس، السلق، السبانخ والخس وهم في العادة يفرشون بضاعتهم على الارض،الى جانب بائعي الخضراوات الموسمية.
«البقولة» اكلة شتوية بامتياز،اذ تغيب عن الموائد في باقي الفصول الاخرى لأن ظهورها مرتبط بالامطار،لذلك اذا كان الموسم جافا،تصبح نادرة،ويرتفع سعرها، مثل أي بضاعة اخرى تتأثر بقانون العرض والطلب،بالرغم من انها تنبت لوحدها في الخلاء من دون ادنى تدخل من الانسان.
اما طريقة تحضير «البقولة» فهي بسيطة،وغير معقدة،في البداية تغسل الاوراق الخضراء جيدا بالماء حتى يتم تخليصها من الاتربة، ثم تقطع الى قطع صغيرة، فيتم وضعها في اناء للتبخير او تسلق في كمية قليلة من الماء حتى تحافظ على قيمتها الغذائية،وبعد ان تنضج الاوراق توضع في طنجرة او مقلاة، وتضاف اليها كمية من زيت الزيتون، الثوم، الكزبرة، البقدونس، الملح، الكمون، الفلفل الاحمر المطحون، قطع من الليمون المخلل، الفلفل الحار وتترك على النار حتى تنسجم جميع العناصر جيدا، ولا يبقى أي اثر للمياه.
وعند تقديمها تزين بحبات من الزيتون الاسود او الاخضر والفلفل الحار ويعصر الليمون الحامض فوقها، وهي أكلة لذيذة ترافق السمك المقلي او أي نوع من الاطباق الرئيسية، حيث تقدم كسلطة، وتؤكل اما ساخنة او باردة، حسب الرغبة.
ولاضفاء المزيد من القيمة الغذائية على هذا الطبق الشعبي، يمكن اضافة نباتات اخرى الى البقولة، تتلاءم معها بشكل جيد، وتمنحها مذاقا متميزا، مثل اوراق السلق او السبانخ وتطهى معها بنفس الطريقة، أي بالبخار او السلق، كما يمكن اضافة الفول الاخضر، وهو من الخضراوات الشتوية التي تعطي للبقولة مذاقا وقيمة غذائية.
تباع البقولة جاهزة في محلات بيع الزيتون، لمن ليس لديها الوقت لتحضيرها في البيت، الا ان «بقولة الدار» تبقى الافضل.
ورغم بساطتها، فإن هذه الأكلة لا تخلو من فوائد غذائية عديدة. ويقول الدكتور محمد الفايد، خبير التغذية المغربي، في موقعه الالكتروني، إن «الخبيزة» أو «البقولة» كما نسميها في المغرب، من النباتات الشتوية التي تساعد على مقاومة كثير من الأمراض المترتبة عن البرد، والتي تصيب الحلق على الخصوص، ونبات «الخبيزة» موجود بكثرة في المغرب، وهو نبات بري لا يزال في الطور الطبيعي، وتسهل زراعته إذا أراد الناس أن يزرعوه،وقد لا يتطلب ماء كثيرا لأنه نبات شتوي بامتياز، وهو أول ما يظهر من الحشائش في فصل الشتاء، وقد يمتد إلى نهاية شهر مارس (اذار).
ويرى الفايد ان «الخبيزة» سميت بهذا الاسم لأن اوراقها تشبه الخبزة في استدارتها، لكنه لا يرجح هذا التفسير، وإنما سميت كذلك لأن بذورها هي التي تشبه الخبزة، وربما يلاحظ الناس ذلك، وهو ليس اسما علميا بل اسم وصفي، فهي عشب حولي يبلغ ارتفاعه ما بين 10 إلى 35 سنتيمترا، وأوراقه مستديرة الشكل بحواف مسننة.
وتكون أزهار الخبيزة صغيرة الحجم، وذات لون بنفسجي باهت متجمعة تحت الأوراق، وتنتشر الخبيزة في الوديان والمزارع، وحول المنازل، ويقل وجودها في أعالي الجبال، وهي من البقول التي تسبق في النمو كل الأعشاب، وتنمو جيدا في فصل الشتاء، ويفضل أن لا يستهلك الناس الخبيزة التي تنبت بالقرب من المنازل، لأنها ربما تنبت على تربة ملوثة. ويؤكد الفايد ان نبات الخبيزة أعطى نتائج جيدة في علاج بعض الأمراض، ويعرف بتطهيره للبلعوم والحنجرة والقصبة الهوائية وهي امراض ترتبط بالسعال والكحة والتهاب الغشاء المخاطي، كما اثبت فعاليته كمدر للبول ومطهر للمثانة، وبذوره أنفع للرئة وخشونة الصدر. والخبيزة مهمة في تغذية الطفل والمرأة الحامل، والمصابين بالسكري، والكوليسترول، والمصابين بالحصى في المرارة، والأشخاص الذين يعانون من الإمساك والتهاب القولون
وبما أن الخبيزة تكون تقريبا في نفس الفصل الذي يظهر فيه «السكوم»، فإن استهلاكهما معا يكون بفائدة أكبر، يقول الفايد، ويعطي نتيجة جيدة، ويفضل استهلاك الخبيزة مع السكوم للحصول على المركبات العلاجية بمستوى مرتفع، هي وجبة مفيدة في علاج آلام الظهر والأعراض المرتبطة بالبرد
المرجو من الله الاستفاذة قدر المستطاع